لن تنحني المقاومة أمام العاصفة
الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
لا ينتطح عنزان في أن ما يدور على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية من أحداث إنما يستهدف أولا وأخيرا رأس المقاومة الفلسطينية عامة والعمليات الاستشهادية خاصة، وأول خطوة في هذا السياق كانت حملة الجدار الواقي التي قام بها جيش الإرهاب الصهيوني بإذن أمريكي وصمت عربي، والتي كان هدفها قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والشيوخ والنساء الأبرياء، واعتقال أكبر عدد ممكن ممن لا صلة لهم بالمقاومة من قريب أو بعيد، وإحداث أكبر قدر ممكن من الخراب والدمار في البيوت والممتلكات الخاصة والعامة، والمساس بمشاعر الشعب الدينية بالاعتداء على المساجد والكنائس، يضاف إلى ذلك المعاناة اليومية بسبب الحصار وحظر التجول وشل الحركة التجارية وغير ذلك من أشكال المعاناة، وهدف الصهاينة من وراء ذلك خلق حالة من التذمر في الشارع الفلسطيني والنقمة على العمليات الاستشهادية، وإحداث شرخ بين المقاومة وجماهير شعبنا الفلسطيني الداعم والمؤيد لها، وما ذلك إلا لأن العمليات الاستشهادية بالذات أثبتت أنها السلاح القادر على تركيع التنين الصهيوني، بل خلقت جدلا كبيرا في الشارع الصهيوني حول مستقبل هذا الكيان وقدرته على البقاء، فبدونها تفقد المقاومة تأثيرها المزلزل على السياحة، والاستثمار، وعلى المعنويات، والهجرة المعاكسة، وعلى آمال الصهاينة وأحلامهم في التوسع والبقاء، وبدونها سيستمر الاحتلال في إذلال شعبنا بدون منغصات.
ولما فشلت الخطوة الأولى في إحداث هذا الشرخ جاءت الخطوة الثانية لإسنادها، وتمثلت في إطلاق العنان لبعض الأصوات المشبوهة والمعزولة لتعزف على نغمة نشاز مفادها أن العمليات الاستشهادية تضر بمصالح الشعب الفلسطيني، بل أخذت هذه الأصوات المشبوهة تمهد لشارون كي يقوم بعدوان جديد، زاعمة أن رد الجانب الصهيوني على العمليات الاستشهادية سيكون قاسيا جدا، ساعية إلى نشر الذعر بين أبناء شعبنا المرابط، ولكن هذه الخطوة لم تكن أفضل حالا من سابقتها، فقد تحطمت على صخرة وعي الشعب الفلسطيني، الذي بدأ ينظر بعين الريبة لكل من ينظر ضد العمليات الاستشهادية، فأسقط في يد الصهاينة والأمريكان فانتقلوا إلى الخطوة الثالثة.
وهذه الخطوة تمثلت في إلهاء الشعب الفلسطيني عن المقاومة والانتفاضة، فكانت الدعوة إلى إحداث إصلاحات فلسطينية، والدعوة لعقد انتخابات تشريعية، وبلدية، ومما أذهلهم أن الشعب الفلسطيني إزاء هذه الدعوات كان في غاية الوعي والحذر، فأدرك بحسه الوطني وبفطرته السليمة أن دعوة الإصلاح التي تأتي من قبل شارون لا يمكن أن تكون أبدا من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني، خاصة أن كل مظاهر الفساد كان من ورائها اليد الصهيونية الخبيثة، ولذلك لم يتفاعل مع هذه الدعوات ونظر إليها أيضا بعين الريبة والشك، وبقي متجها إلى وجهته التي آمن بأنها الطريق الوحيد الذي يمكن أن يحقق الغايات المنشودة، وما أن جاءت العملية الأخيرة حتى غمرت مشاعر الفرح الشارع الفلسطيني، وبدا واضحا أن الخطوة الثالثة من المخطط الصهيو – أمريكي باءت بالفشل
وجاءت الخطوة الرابعة على شكل دعوة شارونية لمؤتمر إقليمي، ولكن شعبنا الفلسطيني رأى في هذه الدعوة محاولة لتقسيم عالمنا العربي إلى معسكرين، معسكر ما يسمى بالسلام يقف جنبا إلى جنب مع الغرب الحاقد والكيان الصهيوني، ومعسكر ما يسمى بالإرهاب على أمل محاصرته وعزله، ولا زالت هذه الخطوة تحاول أن ترى النور مع أنني بت أشعر أنها ربما قتلت في مهدها، وإن قدر لها أن تشق طريقها فلن تفلح في عزل المقاومة التي يحتضنها الشعب الفلسطيني بكامله.
وأما الخطوة الخامسة فجاءت على شكل إشاعات مغرضة هدفها إثارة البلبلة والإحباط لدى الشارع الفلسطيني، وكان من وراء هذه الإشاعات مافيا متخصصة في التقارير الكاذبة، والتصريحات المضللة، والبيانات المدسوسة، وأخذ أقطاب هذه المافيا يثيرون الشبهات حول مواقف حماس من مواصلة المقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، فقام رؤوس الفتنة في الشارع الفلسطيني بتوزيع التصريحات التي تقول بأن حماس استجابت لطلب من المملكة العربية السعودية لوقف العمليات الاستشهادية، ولقد أوعزوا إلى وكالة فرانس برس لتنشر هذا الخبر على لسان مسئول فلسطيني مجهول، وهذه الصيغة بالذات تدل على أن الخبر ملفق، ولقد نشرت الوكالة هذه الفرية دون أن تكلف نفسها سؤال أصحاب الشأن في ذلك، ولكن هذه الخطوة فشلت أيضا لأن قادة الحركة سارعوا إلى تكذيب هذا الخبر، وبينوا بما لا يدع مجالا للشك أن أحدا لم يطلب من الحركة وقف مقاومتها للاحتلال، كما أن الشعب الفلسطيني يثق بثبات موقف حماس ومصداقيتها في مواصلتها للمقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، فأسقط هذه المرة في يد دهاقنة المافيا الإعلامية.
ومما عزز مكانة الحركة ممارسات السلطة الخطيرة التي مست بأمن وكرامة وحقوق الشعب الفلسطيني، فهي من جانب تدين الإرهاب، ومن جانب آخر تقوم بتسليم المجاهدين للاحتلال، وتسليم المناضلين لسجانين أمريكان وبريطانيين، وتساهم في إبعاد المجاهدين والمناضلين خارج الوطن، وكذلك فتح ملف الفساد من جديد والذي أزكمت رائحته الأنوف، ولم يعد من الممكن غض الطرف عنه.
ورغم الفشل المتكرر فلا زال الرهان على أن تقوم السلطة بخطوة أخيرة تتمثل في الانقضاض على المجاهدين، وتجريدهم أسلحتهم، وزجهم في المعتقلات، ولكن وعي الشعب الفلسطيني يشكل درعا واقيا للمجاهدين، وعزم المجاهدين على عدم تسليم أنفسهم كفيلة بإفشال هذه الخطوة أيضا، من كل ذلك أقول وكلي ثقة بالله أن المقاومة لن تنحني أمام العاصفة.
الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
لا ينتطح عنزان في أن ما يدور على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية من أحداث إنما يستهدف أولا وأخيرا رأس المقاومة الفلسطينية عامة والعمليات الاستشهادية خاصة، وأول خطوة في هذا السياق كانت حملة الجدار الواقي التي قام بها جيش الإرهاب الصهيوني بإذن أمريكي وصمت عربي، والتي كان هدفها قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والشيوخ والنساء الأبرياء، واعتقال أكبر عدد ممكن ممن لا صلة لهم بالمقاومة من قريب أو بعيد، وإحداث أكبر قدر ممكن من الخراب والدمار في البيوت والممتلكات الخاصة والعامة، والمساس بمشاعر الشعب الدينية بالاعتداء على المساجد والكنائس، يضاف إلى ذلك المعاناة اليومية بسبب الحصار وحظر التجول وشل الحركة التجارية وغير ذلك من أشكال المعاناة، وهدف الصهاينة من وراء ذلك خلق حالة من التذمر في الشارع الفلسطيني والنقمة على العمليات الاستشهادية، وإحداث شرخ بين المقاومة وجماهير شعبنا الفلسطيني الداعم والمؤيد لها، وما ذلك إلا لأن العمليات الاستشهادية بالذات أثبتت أنها السلاح القادر على تركيع التنين الصهيوني، بل خلقت جدلا كبيرا في الشارع الصهيوني حول مستقبل هذا الكيان وقدرته على البقاء، فبدونها تفقد المقاومة تأثيرها المزلزل على السياحة، والاستثمار، وعلى المعنويات، والهجرة المعاكسة، وعلى آمال الصهاينة وأحلامهم في التوسع والبقاء، وبدونها سيستمر الاحتلال في إذلال شعبنا بدون منغصات.
ولما فشلت الخطوة الأولى في إحداث هذا الشرخ جاءت الخطوة الثانية لإسنادها، وتمثلت في إطلاق العنان لبعض الأصوات المشبوهة والمعزولة لتعزف على نغمة نشاز مفادها أن العمليات الاستشهادية تضر بمصالح الشعب الفلسطيني، بل أخذت هذه الأصوات المشبوهة تمهد لشارون كي يقوم بعدوان جديد، زاعمة أن رد الجانب الصهيوني على العمليات الاستشهادية سيكون قاسيا جدا، ساعية إلى نشر الذعر بين أبناء شعبنا المرابط، ولكن هذه الخطوة لم تكن أفضل حالا من سابقتها، فقد تحطمت على صخرة وعي الشعب الفلسطيني، الذي بدأ ينظر بعين الريبة لكل من ينظر ضد العمليات الاستشهادية، فأسقط في يد الصهاينة والأمريكان فانتقلوا إلى الخطوة الثالثة.
وهذه الخطوة تمثلت في إلهاء الشعب الفلسطيني عن المقاومة والانتفاضة، فكانت الدعوة إلى إحداث إصلاحات فلسطينية، والدعوة لعقد انتخابات تشريعية، وبلدية، ومما أذهلهم أن الشعب الفلسطيني إزاء هذه الدعوات كان في غاية الوعي والحذر، فأدرك بحسه الوطني وبفطرته السليمة أن دعوة الإصلاح التي تأتي من قبل شارون لا يمكن أن تكون أبدا من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني، خاصة أن كل مظاهر الفساد كان من ورائها اليد الصهيونية الخبيثة، ولذلك لم يتفاعل مع هذه الدعوات ونظر إليها أيضا بعين الريبة والشك، وبقي متجها إلى وجهته التي آمن بأنها الطريق الوحيد الذي يمكن أن يحقق الغايات المنشودة، وما أن جاءت العملية الأخيرة حتى غمرت مشاعر الفرح الشارع الفلسطيني، وبدا واضحا أن الخطوة الثالثة من المخطط الصهيو – أمريكي باءت بالفشل
وجاءت الخطوة الرابعة على شكل دعوة شارونية لمؤتمر إقليمي، ولكن شعبنا الفلسطيني رأى في هذه الدعوة محاولة لتقسيم عالمنا العربي إلى معسكرين، معسكر ما يسمى بالسلام يقف جنبا إلى جنب مع الغرب الحاقد والكيان الصهيوني، ومعسكر ما يسمى بالإرهاب على أمل محاصرته وعزله، ولا زالت هذه الخطوة تحاول أن ترى النور مع أنني بت أشعر أنها ربما قتلت في مهدها، وإن قدر لها أن تشق طريقها فلن تفلح في عزل المقاومة التي يحتضنها الشعب الفلسطيني بكامله.
وأما الخطوة الخامسة فجاءت على شكل إشاعات مغرضة هدفها إثارة البلبلة والإحباط لدى الشارع الفلسطيني، وكان من وراء هذه الإشاعات مافيا متخصصة في التقارير الكاذبة، والتصريحات المضللة، والبيانات المدسوسة، وأخذ أقطاب هذه المافيا يثيرون الشبهات حول مواقف حماس من مواصلة المقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، فقام رؤوس الفتنة في الشارع الفلسطيني بتوزيع التصريحات التي تقول بأن حماس استجابت لطلب من المملكة العربية السعودية لوقف العمليات الاستشهادية، ولقد أوعزوا إلى وكالة فرانس برس لتنشر هذا الخبر على لسان مسئول فلسطيني مجهول، وهذه الصيغة بالذات تدل على أن الخبر ملفق، ولقد نشرت الوكالة هذه الفرية دون أن تكلف نفسها سؤال أصحاب الشأن في ذلك، ولكن هذه الخطوة فشلت أيضا لأن قادة الحركة سارعوا إلى تكذيب هذا الخبر، وبينوا بما لا يدع مجالا للشك أن أحدا لم يطلب من الحركة وقف مقاومتها للاحتلال، كما أن الشعب الفلسطيني يثق بثبات موقف حماس ومصداقيتها في مواصلتها للمقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، فأسقط هذه المرة في يد دهاقنة المافيا الإعلامية.
ومما عزز مكانة الحركة ممارسات السلطة الخطيرة التي مست بأمن وكرامة وحقوق الشعب الفلسطيني، فهي من جانب تدين الإرهاب، ومن جانب آخر تقوم بتسليم المجاهدين للاحتلال، وتسليم المناضلين لسجانين أمريكان وبريطانيين، وتساهم في إبعاد المجاهدين والمناضلين خارج الوطن، وكذلك فتح ملف الفساد من جديد والذي أزكمت رائحته الأنوف، ولم يعد من الممكن غض الطرف عنه.
ورغم الفشل المتكرر فلا زال الرهان على أن تقوم السلطة بخطوة أخيرة تتمثل في الانقضاض على المجاهدين، وتجريدهم أسلحتهم، وزجهم في المعتقلات، ولكن وعي الشعب الفلسطيني يشكل درعا واقيا للمجاهدين، وعزم المجاهدين على عدم تسليم أنفسهم كفيلة بإفشال هذه الخطوة أيضا، من كل ذلك أقول وكلي ثقة بالله أن المقاومة لن تنحني أمام العاصفة.