صور وتصميمات للدكتور الرنتيسى


















القائد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في الذكرى الثالثة لاستشهاده
 
سيرة حياته وجهاده
الفصائل الفلسطينية: الرنتيسي رجل المقاومة والسياسة والوحدة
الرنتيسي في عيون الشعراء
عبد العزيز الرنتيسي القائد والإنسان
الرنتيسي... من قنص الثعابين إلى صناعة التاريخ
حماس.. أصلها ثابت و" صقرها " في السماء !
بيان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في ذكرى استشهاده
"الطبيب الثائر" و"صقر حماس" مسيرة طويلة من الحركة والجهاد والعطاء ختمها بالشهادة
ولد الدكتور الشهيد عبد العزيز علي عبد الحفيظ الرنتيسي في 23 تشرين أول (أكتوبر) /1947 في قرية يبنا (بين عسقلان ويافا)، حيث لجأت أسرته بعد حرب العام 1948 إلى قطاع غزة، واستقرت في مخيم خان يونس للاجئين، وكان عمره وقتها 6 شهور. ونشأ الرنتيسي بين 9 أخوة وأختين.
والتحق عبد العزيز الرنتيسي في سن السادسة بمدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وقد اضطرته ظروف عائلته الصعبة إلى العمل وهو في سن السادسة ليساهم في إعالة أسرته الكبيرة. ورغم ذلك كان الشهيد متميزاً في دراسته، حيث أنهى الدراسة الثانوية عام 1965، وتوجه إلى مدينة الإسكندرية المصرية ليلتحق بجامعتها ليدرس الطب فيها.
وأنهى الشهيد دراسته الجامعية بتفوق، وتخرج عام 1972، وعاد إلى قطاع غزة. وبعد عامين عاد إلى الإسكندرية ليحصل على الماجستير في طلب الأطفال. وفي العام 1976 عاد للقطاع ليعمل طبيباً مقيماً في مستشفى ناصر، (وهو المركز الطبي الرئيسي في خان يونس). والدكتور الرنتيسي متزوج وأب لستة أبناء اثنين من الذكور، وأربع من الإناث.
سيرته الجهادية
شغل الدكتور الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام منها عضوية هئية إدارية في المجمع الإسلامي، والجمعية الطبية العربية بقطاع غزة (نقابة الأطباء)، والهلال الأحمر الفلسطيني. وعمل في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة منذ افتتاحها عام 1978 محاضراً، يدرس مساقات في العلوم وعلم الوراثة وعلم الطفيليات.
وقد اعتقل الرنتيسي عام 1983 بسبب رفضه دفع الضرائب لسلطات الاحتلال، وفي 5 كانون ثاني (يناير) 1988 جرى اعتقاله لمدة 21 يوماً. وأسس والشيخ أحمد ياسين وثلة من نشطاء الحركة الإسلامية في قطاع غزة تنظيم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في القطاع عام 1987.
وفي 4 شباط (فبراير) 1988 عادت قوات الاحتلال لتعتقله، حيث ظل محتجزاً في سجون الاحتلال لمدة عامين ونصف العام، على خلفية المشاركة في أنشطة معادية للاحتلال. وأطلق سراحه في 4 أيلول (سبتمبر) عام 1990. وفي 14 كانون أول (ديسمبر) 1990 اعتقل مرة أخرى إدارياً، وظل في الاعتقال الإداري لمدة عام.
في 17 كانون أول (ديسمبر) 1992 أبعد مع 400 من نشطاء وكوادر حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي إلى جنوب لبنان، حيث برز هناك ناطقا رسميا باسم المبعدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور، في جنوب لبنان، لإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم، وتعبيراً عن رفضهم قرار الإبعاد الإسرائيلي، ونجحوا في ذلك.
وقد اعتقلته سلطات الاحتلال فور عودته من مرج الزهور، وأصدرت محكمة عسكرية إسرائيلية عليه حكماً بالسجن، حيث ظل محتجزاً حتى أواسط العام 1997.
من سجون الاحتلال إلى سجون السلطة
خرج من المعتقل ليباشر دوره في قيادة "حماس"، التي كانت قد تلقّت ضربة مؤلمة من السلطة الفلسطينية عام 1996، و أخذ يدافع بقوة عن ثوابت الشعب الفلسطيني، وعن مواقف الحركة، ويشجّع على النهوض من جديد.
وقد اعتقلته السلطة الفلسطينية بعد أقل من عام من خروجه من سجون الاحتلال، وذلك بتاريخ 10 نيسان (أبريل) 1998، وأفرج عنه بعد 15 شهراً، بسبب وفاة والدته، وهو في المعتقلات الفلسطينية، ثم أعيد للاعتقال بعدها ثلاث مرات، ليفرَج عنه، بعد أن خاض إضراباً عن الطعام، وبعد أن قُصِف المعتقل الذي كان فيه من قبل طائرات إسرائيلية، وهو في غرفة مغلقة في السجن المركزي، لينهي بذلك ما مجموعه 27 شهراً في سجون السلطة الفلسطينية.
حاولت السلطة الفلسطينية بعد ذلك اعتقاله مرتين، ولكنها فشلت بسبب حماية الجماهير الفلسطينية لمنزله.
وفي العاشر من حزيران (يونيو) 2003 نجا صقر "حماس" من محاولة اغتيال نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في هجوم شنته طائرات مروحية إسرائيلية على سيارته، حيث استشهد أحد مرافقيه وعدد من المارة بينهم طفلة.
وي الرابع والعشرين من آذار (مارس) 2004، وبعد يومين على اغتيال الشيخ ياسين، اختير الدكتور الرنتيسي زعيما لحركة "حماس" في قطاع غزة، خلفا للزعيم الروحي للحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين. واستشهد الدكتور الرنتيسي مع اثنين من مرافقيه في 17 نيسان (أبريل) 2004 بعد أن قصفت سيارتهم في مدينة غزة، ليختم حياة حافلة بالجهاد بالشهادة
"في الذكرى الثالثة لاستشهاده"

الفصائل الفلسطينية: الرنتيسي رجل المقاومة والسياسة والوحدة


غزة-المركز الفلسطيني للإعلام
رحل وترك خلفه مدرسة شعارها "سننتصر أيها الأخوة..لأننا دعاة حق, ولأننا دعاة وحدة", الدكتور الطبيب الشاعر, عبد العزيز الرنتيسي, ذلك الرجل الذي كان يتمتع بالشجاعة والرأفة, فقد كان حازماً على أعدائه, متواضعا بين إخوانه, ذاك الرجل الذي لم يعرف الوهن أمام العدو إلى قلبه طريقاً, ولم تكن مصطلحات الهزيمة والانكسار والتراجع لتدخل إلى قاموسه, الذي ختم بختم المقاومة والجهاد, فقد كانت خيارته واضحة صريحة "إما النصر أو الشهادة".

حماس تجدد العهد

الناطق الإعلامي باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس", بدء حديثه قائلاً:"الرنتيسي الشهيد.. القائد الكبير, المجاهد الأبي, الشاعر البليغ, الطبيب الإنسان, واحد من أبرز رجالات فلسطين الأوفياء, التحق بقوافل الشموخ والكبرياء الفلسطيني العنيد, بعد أقل من شهر على استشهاد رفيق دربه ومعلمه الشهيد، شيخ شهداء فلسطين الشيخ القائد أحمد ياسين".

وأضاف:"تتزامن ذكرى استشهاد شيخنا الرنتيسي مع ذكرى يوم الأسير الفلسطيني ونحن نترقب الإفراج عن أسرانا البواسل وتحقيق الانتصارات على العدو المحتل بصفقة تبادل الأسرى التي ستتم بفضل مجهودات أبطال المقاومة الفلسطينية".

وجدد برهوم تمسك حركته بعهد المقاومة والدرب الذي سار عليه الرنتيسي قائلاً:"في ذكرى استشهاد الرنتيسي الثالثة تجدد "حماس" العهد الذي قطعته على نفسها أمام الله وأمام الأمة الإسلامية باستمرار خيار المقاومة والجهاد حتى يندحر العدو الصهيوني, لافتاً إلى أن "حماس" ستبقى وفية لمسيرة ودرب الشهداء و"أن دماؤهم ستبقي وقوداً يزيدها إصراراً وتمسكاً بالمقاومة، حتى تطهر أرضنا فلسطين من دنس الاحتلال".

وشدد برهوم أن حماس لن تتوقف عن المقاومة, وأضاف:"في ذكرى استشهاد الرنتيسي.. تؤكد "حماس" بأن المقاومة لن تتوقف بسياسة الاغتيالات الصهيونية.. فلا اغتيالك ولا اغتيال الشيخ ياسين ولا اغتيال كل القادة من أي فصيل فلسطيني، سيفت من عضد المقاومة لأنه صراع صاحب الحق مع المغتصب المحتل.

رجل الوحدة والوفاق

من جانبه أكد طلعت الصفدي القيادي في حزب الشعب الفلسطيني, على أهمية الوحدة في ذكرى استشهاد القائد الرنتيسي, وتعزيز حكومة الوحدة حتى تستطيع أن تأخذ دورها الحقيقي بأن تواجه الملفات الهامة والخطيرة, ولا يمكن أن تواجه التحديات على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني, والتأكيد على ما جرى الاتفاق عليه في مكة, مشدداً أن الرنتيسي بحق هو رجل الوحدة الوطنية والوفاق.

وأضاف:"في ذكرى استشهاد الرنتيسي نؤكد أن شعبنا لن يتخلى عن أهدافه الوطنية في التحرير والعودة, فنحن نكن كل التحية والتقدير لكل المناضلين والشرفاء الذين قدوا أرواحهم هدية لشعبهم".

الجبهة الشعبية

لعب الدكتور الرنتيسي دوراً كبيرا وهاما في تعزيز الوحدة الوطنية, حول ذلك تحدث عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية, جميل المجدلاوي أن:"الرنتيسي منذ أن خرج من السجن بدأ وتابع لقاءاته مع مختلف القوى الوطنية وشارك في الهيئات والاجتماعات المشتركة على مختلف أشكالها التي بحثت القضية الفلسطينية وكانت المواقف الواضحة تشكل مساهمة في تعزيز حرص حماس على الوحدة الوطنية".

وتابع القيادي في الجبهة الشعبية قائلاً:" كان أول لقاء لي مع الدكتور عبد العزيز الرنتيسي ووفد للجبهة الشعبية للتهنئة بالعودة وإذا به يطرح في هذا اللقاء سبل ووسائل تعزيز علاقاتنا الثنائية على طريق تعزيز ا لعلاقات الفلسطينية بشكل عام".

وأضاف المجدلاوي عندما أقدم الاحتلال على اغتيال الشيخ الرنتيسي كان يدرك أنه بذلك يغتال قادة والآن بعد اغتياله يحاول إعادة تشكيل الساحة الفلسطينية وفق مصالحه وأهوائه.

حركة فتح

عبد الحكيم عوض الناطق باسم حركة فتح, قال:"أن هناك توافق بين الشهداء الرموز في مسيرة الاحتلال، ونحن نتميز عن غيرنا من الشعوب لأننا نقدم قادتنا على مذبح الحرية، وبالتالي هؤلاء الشهداء نماذج يحتذ بهم من كل فلسطيني وعربي شريف".

وأضاف:"إن شهادتهم تمثل قوة نضالية كبيرة عبر الأجيال, ومدارسهم الفكرية تشكل حافزا لأجيال قادمة حتى يتحقق النضال الذي أسسه هؤلاء القادة بكل اجتهاد".

الرنتيسي..رجل السياسة والمقاومة, ذاك الأسد الذي مازال صوت زئيره يتردد في أرجاء الوطن, ولا زال أطفال الوطن يرددون كلماته الخالدة "سننتصر أيها الأخوة", ولا زال الشباب والشيوخ والمقاومين يتمسكون بها يرددونها مقتنعين بصدق القائل والمقولة.
"الرنتيسي قائد السياسة والمقاومة"
الشعراء في ذكرى رحيل شاعر المقاومة ورجل السياسة والكلمة الملتهبة



غزة-المركز الفلسطيني للإعلام
من الناس الخطيب المفوه، والقائد المحنك، والشاعر الحساس، والأديب المثقف، والسياسي المفكر، وقلما تجتمع تلك الخصال في شخص واحد، ولكنَّها اجتمعت في شخص الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فهو إن خطب شنف الآذان وألهب المشاعر، وبين جوهر القضية التي يتحدث فيها بحزم ويقين، وإذا وقف في الناس شاعرا يلقي قصائده، اشرأبت له الأعناق، وبشت الوجوه، وعلت الهتافات، وانطلق التكبير والتصفيق، وإن تحدث في السياسة وخاض فيها تجده واعيا مدركا أبعادها، واضحا دون مواربة فيما يقتضي الوضوح، لقد نبتت في فؤاده قضية عاش لها، تغلغلت فيه بعقيدة صافية، وفطنة ووعي، فانطلق بها في الآفاق داعيا إليها، منافحا عنها، ومضى بيقين سما به؛ فسمق محلقا بشوقه إلى الجنة، كان مفعما بحب الوطن مشحونا بهاجس الحرص على شعبه وقضيته، يتمنى لقاء الله تعالى وهو راض عنه.

وعنه تحدث من عاشره من الشعراء والأدباء, فقد كتب الدكتور خضر أبو جحجوح قصيدة رثاء في الدكتور الشهيد الرنتيسي بعنوان "حرقة الدموع" افتتحها قائلاً:

صَعَـق النَّعِـيُّ مرارتـي ومِـدادي *** فتأجَّـجَـتْ مَرثِيّـتـي بِعـنـادي

وتفجَّـر الدَّمْـعُ الهَتُـونُ مراجـلا *** كَـي يكتَـوي بِعَذَابِهَـا جــلاَّدي

ونـذرت نفْسـي للفِـداء ودونَهـا *** قبلَ الصُّعودِ رخيصةً-. أولادي

وأضاف الدكتور الشاعر جحجوح :" الرنتيسي صاحب المواقف البطولية من يتأمل أشعاره يجدها تجسيدا حقيقيا لقناعاته وتجربته، فهي شاهدة على نمط إحساسه وتفكيره ومنحاه في الحياة؛ فانثالت كلماته أشعارا وخطابات حماسية، تتعانق مع المواقف التي تبلور روح الثورة، ومعالم التشبع بتعاليم الإسلام، وتبرز المستوى الإيماني في التعامل مع أرض الإسراء والمعراج، ومعادلة الصراع كلها، التي تجسد نهايتها منطلق التطهير المادي والمعنوي من رجس الاحتلال".

وتابع الشاعر جحجوح حديثه قائلاً:"فحق لفلسطين إذن أن ترفع رايتها وتتيه فخرا واعتزازا، بمثل هذا الأسد الرنتيسي، وأن تنزف دمعها مدرارا لفراقه، فحبّه نبت في كل شبر فيها، وأزهر في قلوب بنيها الأوفياء المخلصين، وردا وزنابق ورياحين، وأفكاره تنير درب السائرين، وكلماته تضيء قناديل عزم في ليل الأسى الدامس، ومواقفه باتت صوراً يقتدي بها السائرون في صحراء المحن، ومفازات الابتلاء والفتن".

الدكتور الشاعر عبد الخالق العف من أكثر الذين عاشروا الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي تركنا له المجال ليتحدث عما يجول في صدره في ذكرى رحيل عزيز على قلبه, فقال:"حنانيك أيها القائد الهمام الأبي يا أسد فلسطين ونبضها المتوقد..نفحات من شذاك تطل علينا بعد ثلاثة أعوام على رحيلك شمسك لم تغب عنا, وحضورك لم يفارقنا أيها القائد الإنسان لازلت تسكن أعماقنا لم ينجح قاتلوك في انتزاعك من قلوبنا, دماؤك تسري في دمنا نوراً وناراً".

وتابع الدكتور العف حديثه يصف ويستذكر صفات ذلك الشاعر القائد الدكتور, وهو يقول :"أيها الطبيب الشاعر ثلاثة أعوام مرت, وصوتك لم يزل عبر المدى رجع الصدى في سمع كل الأوفياء, ولازالت قصائدك صدى حديث النفس ترن في أسماع الزمن توقظ الغافلين وتقرع المستسلمين المتخاذلين, ولازلنا نتضوأ بسنا شعرك الذي يفيض جمالا ويتموج عذوبة ويلمس شغاف القلوب, عذب كالماء الفرات ورقراق كجداول العطاء عميق كالبحر وفسيح كالفضاء ورهيف كالنسيم يتبدى فيه وفيك ألق الأحاسيس الإنسانية المرهفة الرقيقة فيشرق في صبحنا شمسا مشرقة".

وعن معاشرة الشاعر العف لحبيبه وخليله الدكتور الرنتيسي, أضاف قائلاً:"لقد آمن القائد المعلم الرنتيسي بالمنهج الإسلامي الشامل الكامل وفهم مقاصده ومنطقاته وأبعاده فهماً دقيقاً, سخر قلمه وجسده وروحه ولسانه لدعوة الله المباركة من غير كلل ولا ملل, إضافة على أنه كان محباً لأسرته وجيرانه ودودواً عطوفاً سميحاً كريماً مرحاً متواضعاً كما كان في مسيرته الجهادية شجاعاً صلباً ثابتاً قوياً لا تلين له قناة, كان يخرج في وسائل الإعلام طوداً شامخاًَ كالرواسي شهاباً تجلت عن وجهه ظلماء اليأس والقنوط وأشرق في روحه الأمل بالنصر والتحرير".

وختم الدكتور العف حديثه وهو يقول:"هاهو غراس زرعك يا أبا محمد يؤتي آكله, حصادك مكن الله له في الأرض جيشاً مؤمناً يتصدى للظلم والاحتلال والفساد لا يخشى في الله لومة لائم كما ربيت وعلمت وبنيت".

ويعد الدكتور الرنتيسي من شعراء المقاومة وأحد دعاماتها الأدبية, وبالرغم من ذلك كان على الجهة الأخرى من أبرز الشخصيات السياسية الشجاعة, عن ذلك تحدث الدكتور الشاعر كمال غنيم, :"يعدّ الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي من أبرز الشخصيات السياسية المؤثرة في التاريخ المعاصر، وقد جسد الدكتور الشهيد معاني الرجولة والإباء، وقد أرغم أنف الاحتلال في التراب، وما زالت كلماته عن تفاصيل الموت بالأباتشي صرخة عز في زمن الانكسار، ومنعطفا من منعطفات العز والفخار، وقد أكرمه الله أكثر من مرة بالنجاة من الاغتيال، ولم يزده ذلك إلا إصرارا على المواجهة".


وأضاف الدكتور غنيم :"قد تمثلت ذلك في قصيدة "جرح لا تغسله الدموع"، التي عبرت في معانيها عن لهفة المحبين عليه، وإلحاحهم على ضرورة اتخاذ مكان آخر غير بيته بعد نجاته من محاولة الاغتيال وإصابة ولده أحمد؛ لكنه كان يصر على قهر المحتل، وعلى الصمود الأسطوري، ويرفض أن يجعل الاحتلال يحدد له برنامج حياته اليومي".
وعن هذه القصيدة التي جسدت استشهاد الدكتور الرنتيسي قال الشاعر غنيم :"لقد تخيلت في تلك القصيدة أن فلسطين قد راحت تشيعه بقلب مكلوم، وهي تعض على جراحها، وتؤكد أن الدموع الغزيرة لن تبرئ هذا الجرح وتشفيه، وآلمه في موكب التشييع –كما تخيلت- أن تظن "فلسطين" الظنون بغيابه، وأن تخشى انتهاء المقاومة وضعفها، حيث تنهض روحه من فوق كتوف المشيعين لتؤكد لها أن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، وأن رفاقه يتنافسون على الشهادة والفداء، وأن النصر لابد آت مهما ادلهمت الخطوب".
وأضاف :"لقد حمل ديواني الجديد عنوان قصيدة الرثاء تلك فصدر باسم "جرح لا تغسله الدموع"؛ بل إنني لم أستطع أمام هذا العملاق إلا أن أتقدم بإهداء الديوان إليه كطبيب رسمي برع في مداواة جراح فلسطين وأهلها".

وتابع :"رحم الله الصادق الصدوق الذي صدق الله فصدقه الله حيث طلب الشهادة بالأباتشي فكان ما أراد".

وعندما سألنا الدكتور غنيم عن شعر الدكتور الرنتيسي ومدى تأثيره على الجمهور, قال:"بين شعره روحا إنسانية تتمثل القيم قولا وفعلا حيث كانت مضامينه الشعرية تتوافق مع مواقفه العملية، إذ كان شديدا فيهما في مضمار الحق رحيما في ميدان الإخاء والعلاقات الاجتماعية، وكأني به يحاول على صعيد آخر من خلال قصيدته (حديث النفس) أن يبرز الجانب الإنساني الذي يتسم به، حيث يقف مع نفسه مثل باقي البشر الذين قد تحدثهم أنفسهم بالاستكانة للراحة والدعة، لكنه يجابه نفسه بصلابته المعهودة، ويفند إغراءاتها ومخاوفها مما يجعلها في النهاية، ومن خلال محاجّة منطقية فنية؛ تتماهى مع رغبته الكامنة في تحقيق العزة والكرامة".

وهكذا ظل الدكتور الشاعر عبد العزيز الرنتيسي, موجودا في ذاكرة إخوانه الشعراء بقوة كلماته وبراعته الأدبية, الأمر الذي كان له الأثر على نفوس الفلسطينيين جميعهم.
عبد العزيز الرنتيسي القائد والإنسان


مهما كتبت الأقلام وتحدثت الألسن، وفكرت العقول، ستبقى أعلى من كل ذلك، وستبقى حاضراً في قلوب وعقول كل من عرفوك فأنت القائد الملهم، الصورة المشرقة للمقاتل العنيد الذي تبنى الفكرة وقضى من أجلها، أنت الفارس الذي أدرك مبكراً الثمن الذي سيدفعه من أجل الحقيقة.
أذكرك جيداً ولا يغيب عن بالي ذكراك، أذكرك عندما كنت الطبيب الذي عالجني هناك، في مستشفى ناصر حين كنت في الخامسة من عمري، وبقيت مديناً لجهودك وحرصك المهني عندما أنقذتني أنت والفريق الطبي من موتٍ محقق بعد عناية رب العالمين.
أذكرك وأنت ممارس لمهنة الطب في عيادتك الخاصة في شارع البحر بخان يونس وقد كنت طبيباً ناجحاً تحظى بثقة الناس وحبهم، حينها كنت قادراً أن تختار طريق المال والنجاح المهني، ولكنك تركت ذلك وتفرغت للانتصار للقضية، ورفعت لواء العزة والكرامة في وجه الاحتلال فكان حقاً لك أن تكون القائد والمناضل الذي شهد له ضباط المخابرات الإسرائيلية بعد أن ذاقوا بعضاً من بأسك وجرأتك، فأهل مخيم العقاد بخانيونس لازالوا يذكرون توجهيك اللكلمات لضابط المخابرات الإسرائيلي" أبو رامي " عندما اقتحم منزلك من أجل اعتقالك.
أذكرك قائداً من طراز فريد زاملتك في سجن النقب، وعشت معك أشهراً عديدة كنت وقتها من أقرب الناس إلى قلبي، وقدمت نموذجاً في عظمة الفلسطيني العنيد عندما رفضت أن تقف لمدير سجن النقب " شالتئيل " الأمر الذي دفعه لاعتقالك في زنزانة انفرادية لأشهر عديدة.
أيها القائد ، أنت من بين عدد قليل أجمع على احترامه الأصدقاء والخصوم والأعداء أنت من افتقدك الجميع وتركت فراغاً قيادياً هائلاً في وقت احتجناك فيه، كنت تشكل حالة ارتياح وأمن وطمأنينة وشعور بالعزة والكبرياء كلما ظهرت أمام وسائل الإعلام، أو تحدثت أمام جمهور، تعاونت مع الجميع، وكنت وحدوياً، ولا أنسى حين كنت تزورنا خلسةً رغم أنك مطارد ومطلوب لطائرات الاحتلال لكي تسألنا عن وجهة نظرنا ورأينا في قضايا المجتمع.
يوم السابع عشر من نيسان راسخ في عقولنا، فأنت أضفت باستشهادك في هذا اليوم بعداً جديداً ليوم يتضامن فيه الفلسطينيون مع الأسرى.
أيها القائد، المعلم، الصديق، الأخ، الرفيق، الطبيب، الإنسان رحمك الله ولك منا الوفاء وكل الإخلاص لمسيرتك المشرقة المضيئة في تاريخ شعبنا الفلسطيني.
الرنتيسي... من قنص الثعابين إلى صناعة التاريخ
بقلم: صالح النعامي
ما زال سكان القبائل البدوية في قرية القرارة النائية نسبيا جنوب شرقي قطاع غزة، يذكرون ذلك الطبيب الشاب الذي كان يفد إليهم أواسط السبعينات، قاطعا عدة كيلومترات مشيا على الأقدام، وهو يحمل حقيبته لكي يقوم بعمليات ختان للأطفال مجانا.وكان في طريق عودته لا يتورع في تعقب الثعابين التي تقطع الشارع الترابي الذي يسلكه وقتلها، بعد أن كان يسمع شكاوى أهالي المنطقة عن الرعب الذي تسببه هذه الثعابين لأولادهم في ذهابهم وإيابهم للمدرسة.

كان هذا هو الدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي حلت الذكرى الثالثة لاغتياله مؤخراً، وهو القائد الثاني لحركة حماس الذي تولى قيادة الحركة بعد يوم على اغتيال الشيخ أحمد ياسين، مؤسس الحركة. وكان يقوم بمثل هذه الأنشطة في العديد من القرى والتجمعات الزراعية الفلسطينية التي تلف مدينة خان يونس. الرنتيسي، كان يقوم بهذه الأنشطة ضمن نشاطه في جماعة الاخوان المسلمين التي انضم إليها، في مصر خلال دراسة الطب فيها عام 1965.

لجأ مع أسرته وهو لم يتجاوز العام, إلى قطاع غزة، لتستقر هذه العائلة في معسكر خان يونس غرب المدينة.كان للرنتيسي ثمانية من الإخوة الذكور، وأختان.
وكانت العائلة تعتاش على معونات وكالة الغوث.توفي والده بينما كان الرنتيسي الابن في الصف الثاني الإعدادي، الأمر الذي اضطر شقيقه الأكبر للسفر للسعودية للعمل لإعالة الأسرة
الظروف التي رافقت سفر الشقيق الأكبر تكشف إلى أي حد كانت هذه الأسرة معدمة، حيث يقول الرنتيسي انه كان يملك حذاء اشتراه مستخدما من سوق المخيم، وعندما هم شقيقه بالسفر لم يكن لديه حذاء، فاضطر عبد العزيز أن يعطي شقيقه الحذاء وعاد للبيت حافي القدمين.
الحياة الصعبة التي عاشها، دفعته للتعلق بالعلم، وبالفعل تفوق في المرحلة الثانوية بشكل خاص. وفي صيف عام 1965 كان من العشرة الأوائل في توجيهي ـ علمي في القطاع. الأمر الذي أهله للحصول على منحة دراسية من وكالة الغوث، فاختار الطب في مصر.وفي عام 1970 حصل على بكالوريوس طب عام، وواصل دراسته ليحصل على الماجستير في طب الأطفال.وأثناء إعداده للماجستير كما يقول، تأثر باثنين من شيوخ الإخوان المسلمين، هما محمد عيد والمحلاوي، حيث كانا يخطبان في مسجدي «السلام»، و«ابراهيم باشا»، اللذين كانا ينتهجان نهجا صداميا من الرئيس المصري الأسبق أنور السادات. ويؤكد ان الشيخ محمد عيد ترك تأثيرا هائلا على نفسه، لدرجة انه عزم على تقليد أسلوبه، لكن في مواجهة الاحتلال. وبالفعل خاض الرنتيسي كرئيس لجمعية الأطباء في غزة عام 1981 أول حملة عصيان مدني ضد الاحتلال، لرفض دفع الضرائب للاحتلال، ففرضت سلطات الاحتلال عليه الإقامة الجبرية، ثم اعتقلته.في أواخر عام 1987.
كان الرنتيسي مسئولا لجماعة الإخوان المسلمين في منطقة خان يونس، في ذلك الوقت اجتمع عدد من قادة الجماعة في القطاع، على عجل وهم الشيخ أحمد ياسين وأبو أسامة دخان ومحمد شمعة وابراهيم اليازوري وصلاح شحادة وعيسى النشار، وقرروا ان تخوض الجماعة غمار الانتفاضة تحت اسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)
وكان الرنتيسي قد صاغ أول بيان باسم الحركة الوليدة. وكعضو مؤسس في حركة «حماس»، تعرض الرنتيسي للاعتقال خمس مرات وقضى ما مجموعه سبع سنوات في السجون. وابعد عام 1992 لمدة عام الى مرج الزهور في جنوب لبنان.ولعناده فقد يئس محققو جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية «الشاباك» من جدوى التحقيق معه، حيث يشهد الذين شاهدوه في السجن انه بمجرد أن يحضر للمحققين في أقبية التحقيق، يقوم بمهاجمتهم باللكمات، ولا ينفك عن ذلك إلا بعد أن يغمى عليه من شدة ما يتعرض له من تعذيب، من هنا كان يتم تقديم لوائح الاتهام ضده بناء على اعترافات أشخاص آخرين، حيث إن قانون «تامير»، المعمول به ضد الفلسطينيين يتيح للمحاكم العسكرية الإسرائيلية إدانة أي فلسطيني بناء على اعتراف شخص آخر ضده، في حال تعذر استخلاص اعتراف منه.
وفي السجن أتم الرنتيسي حفظ القرآن الكريم، في غضون 27 شهرا قضاها في زنزانة انفرادية واحدة. وتعرض للاعتقال والحبس في صفوف السلطة الفلسطينية.أكثر ما ميز الرنتيسي عن غيره هو صلابته وعناده واستعصاؤه على الاستجابة للضغوط، الأمر الذي اوجد له شعبية كبيرة داخل قواعد حركة «حماس » ، لدرجة أن أحدا لم يكن يوازيه من حيث قوة شعبيته، ففي «حماس» ما زالوا يذكرون الموقف الذي يصفونه بـ«التاريخي» في صيف 1998، عندما أصر الرنتيسي على تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية اغتيال محيي الدين الشريف، أحد قادة «حماس» العسكريين في الضفة الغربية، الذي على إثره تعرض للاعتقال في سجون السلطة. في 10 يونيو (حزيران) 2003 تعرض الرنتيسي لأول محاولة اغتيال إسرائيلية، ونجا من هذه العملية بأعجوبة، حيث استشهد اثنان من مرافقيه، بينما أصيب نجله أحمد بجروح خطرة. وظل المطلوب رقم واحد لإسرائيل حتى اغتياله.
حماس.. أصلها ثابت و" صقرها " في السماء !
بقلم: بيان صادق

إننا على العهد باقون وعليه نحن المحافظون مهما تبدَّلت السنون و تغيّرت الأوجه، سيبقى المقصد واحدا وعنه لا نحيد ..
كان الصقر يحط على أغصان تلك الشجرة الوارفة الظلال التي تحمي من يقف تحت رايتها و يستظل بظلها من لهيب صيفٍ ممطر و غبار ريح بغيضة
راسخةٌ في لبِّ الأرض جذورها , لا تنتزعها أقوى الزلازل ولا تؤثر فيها الخطوب .. ومهما أسقطت أو سُرق منها من ثمار إلا أن لديها دوما المزيد الذي لا ينفذ .. فنبعها كتابٌ أنزله الرحمن الرحيم و تعهّد بأن يكون له من الحافظين ..
تدفع جذور هذه الشجرة المباركة كل طائرٍ ليطير بجناحيه لجنةٍ عرضها السماوات والأرض .. وتُطلقهم رصاصا ولا تبخل بأكرمهم؛ فكلُّ ما حط عليها طاهرٌ كريم و لا فضل لصقرٍ على صقرٍ فيها فكلهم سواسية ..
بعد أن مكث الصقر على أغصان الشجرة رأى أن الوقت قد حان لتحلقَّ الروح إلى بارئها بعد أن أسست قلاعا لا تُخترق ولا تُنتزع منها مواقف , متماسكٌ بنيانها يشدُّ بعضه بعضا لا تهزه المحن ولا تغريه إلا مرضاة الكريم ..
قررت الروح أن تعلو على " الآباتشي " و كان لها ما تريد ..
في ذكرى استشهاد صقر فلسطين وابن حماس الدكتور عبد العزيز الرنتيسي نذكره برحمات الله الواسعة لتُكللّ طُهر روحه التي كانت بيننا نبراساً يخيرنا بين شهادة أو شهادة !
نسترجع في ذكراه كلماته التي ما زلنا نترنّم على أنغامها و نطرب في حدتها ... " نعاهد الله ونعاهدكم أن نمضي قُدما حتى نحرر ثرى الوطن من دنس الصهاينة الغاصبين "
خطَّ لنا في كلماته حدود الهدف و فتح أمامنا طُرقا مُختلفة نختار منها أيسرها وأنسبها لمرحلتنا التي نعيش .. لم تنته الحركة الإسلامية بعد أن غادرنا صقر فلسطين ولم تكن تلك الضربة القاسية قاصمةً لظهر حماس الذي لا يُكسر ولا ينحني إلا بين يدي ربه في عبادة !
رحل الصقر العزيز و بقيت الشجرة التي تُنبت كل يوم صقرا.. فقدنا بعد فراق أحبتنا الكثير لكن حركتنا لم تأس ولم تيأس .. ظلّت مواصلة على ذات الدرب الذي ساره الصقر منذ أن استقى من نبع الجذور حتى حلَّق في فضاء الأمنيات التي كان إليها يسعى ..
مرّت الحركة بأقسى الظروف لكنها طريقٌ جديد لم يسلكه سوانا .. وحين مشينا فيه أضأناه بمشعلٍ عزيزٍ يحفه الياس(م)ين جعل حاضرنا هنيا ..
في ذكرى استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي نطمئن أحبتنا أننا ما زلنا نارا تحرق الغاصبين والمعتدين وتمنح الدفء لأحبتها و من جلس عنها ببعيد يخشى أن يؤازرها بقوةٍ و صلابة , يوم كنا محتاجين لأن تبقى نارنا مُشتعلة و نسينا أن الله تعهد بحفظها وإنه لقوي عزيز ..
رحم الله الشهيد البطل قائد حماس وابنها البار و كل من ترحم على روحه الطاهرة أو سبقه إلى جنان الخلد .













لن تنحني المقاومة أمام العاصفة

لن تنحني المقاومة أمام العاصفة
الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
لا ينتطح عنزان في أن ما يدور على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية من أحداث إنما يستهدف أولا وأخيرا رأس المقاومة الفلسطينية عامة والعمليات الاستشهادية خاصة، وأول خطوة في هذا السياق كانت حملة الجدار الواقي التي قام بها جيش الإرهاب الصهيوني بإذن أمريكي وصمت عربي، والتي كان هدفها قتل أكبر عدد ممكن من الأطفال والشيوخ والنساء الأبرياء، واعتقال أكبر عدد ممكن ممن لا صلة لهم بالمقاومة من قريب أو بعيد، وإحداث أكبر قدر ممكن من الخراب والدمار في البيوت والممتلكات الخاصة والعامة، والمساس بمشاعر الشعب الدينية بالاعتداء على المساجد والكنائس، يضاف إلى ذلك المعاناة اليومية بسبب الحصار وحظر التجول وشل الحركة التجارية وغير ذلك من أشكال المعاناة، وهدف الصهاينة من وراء ذلك خلق حالة من التذمر في الشارع الفلسطيني والنقمة على العمليات الاستشهادية، وإحداث شرخ بين المقاومة وجماهير شعبنا الفلسطيني الداعم والمؤيد لها، وما ذلك إلا لأن العمليات الاستشهادية بالذات أثبتت أنها السلاح القادر على تركيع التنين الصهيوني، بل خلقت جدلا كبيرا في الشارع الصهيوني حول مستقبل هذا الكيان وقدرته على البقاء، فبدونها تفقد المقاومة تأثيرها المزلزل على السياحة، والاستثمار، وعلى المعنويات، والهجرة المعاكسة، وعلى آمال الصهاينة وأحلامهم في التوسع والبقاء، وبدونها سيستمر الاحتلال في إذلال شعبنا بدون منغصات.
ولما فشلت الخطوة الأولى في إحداث هذا الشرخ جاءت الخطوة الثانية لإسنادها، وتمثلت في إطلاق العنان لبعض الأصوات المشبوهة والمعزولة لتعزف على نغمة نشاز مفادها أن العمليات الاستشهادية تضر بمصالح الشعب الفلسطيني، بل أخذت هذه الأصوات المشبوهة تمهد لشارون كي يقوم بعدوان جديد، زاعمة أن رد الجانب الصهيوني على العمليات الاستشهادية سيكون قاسيا جدا، ساعية إلى نشر الذعر بين أبناء شعبنا المرابط، ولكن هذه الخطوة لم تكن أفضل حالا من سابقتها، فقد تحطمت على صخرة وعي الشعب الفلسطيني، الذي بدأ ينظر بعين الريبة لكل من ينظر ضد العمليات الاستشهادية، فأسقط في يد الصهاينة والأمريكان فانتقلوا إلى الخطوة الثالثة.
وهذه الخطوة تمثلت في إلهاء الشعب الفلسطيني عن المقاومة والانتفاضة، فكانت الدعوة إلى إحداث إصلاحات فلسطينية، والدعوة لعقد انتخابات تشريعية، وبلدية، ومما أذهلهم أن الشعب الفلسطيني إزاء هذه الدعوات كان في غاية الوعي والحذر، فأدرك بحسه الوطني وبفطرته السليمة أن دعوة الإصلاح التي تأتي من قبل شارون لا يمكن أن تكون أبدا من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني، خاصة أن كل مظاهر الفساد كان من ورائها اليد الصهيونية الخبيثة، ولذلك لم يتفاعل مع هذه الدعوات ونظر إليها أيضا بعين الريبة والشك، وبقي متجها إلى وجهته التي آمن بأنها الطريق الوحيد الذي يمكن أن يحقق الغايات المنشودة، وما أن جاءت العملية الأخيرة حتى غمرت مشاعر الفرح الشارع الفلسطيني، وبدا واضحا أن الخطوة الثالثة من المخطط الصهيو – أمريكي باءت بالفشل
وجاءت الخطوة الرابعة على شكل دعوة شارونية لمؤتمر إقليمي، ولكن شعبنا الفلسطيني رأى في هذه الدعوة محاولة لتقسيم عالمنا العربي إلى معسكرين، معسكر ما يسمى بالسلام يقف جنبا إلى جنب مع الغرب الحاقد والكيان الصهيوني، ومعسكر ما يسمى بالإرهاب على أمل محاصرته وعزله، ولا زالت هذه الخطوة تحاول أن ترى النور مع أنني بت أشعر أنها ربما قتلت في مهدها، وإن قدر لها أن تشق طريقها فلن تفلح في عزل المقاومة التي يحتضنها الشعب الفلسطيني بكامله.
وأما الخطوة الخامسة فجاءت على شكل إشاعات مغرضة هدفها إثارة البلبلة والإحباط لدى الشارع الفلسطيني، وكان من وراء هذه الإشاعات مافيا متخصصة في التقارير الكاذبة، والتصريحات المضللة، والبيانات المدسوسة، وأخذ أقطاب هذه المافيا يثيرون الشبهات حول مواقف حماس من مواصلة المقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، فقام رؤوس الفتنة في الشارع الفلسطيني بتوزيع التصريحات التي تقول بأن حماس استجابت لطلب من المملكة العربية السعودية لوقف العمليات الاستشهادية، ولقد أوعزوا إلى وكالة فرانس برس لتنشر هذا الخبر على لسان مسئول فلسطيني مجهول، وهذه الصيغة بالذات تدل على أن الخبر ملفق، ولقد نشرت الوكالة هذه الفرية دون أن تكلف نفسها سؤال أصحاب الشأن في ذلك، ولكن هذه الخطوة فشلت أيضا لأن قادة الحركة سارعوا إلى تكذيب هذا الخبر، وبينوا بما لا يدع مجالا للشك أن أحدا لم يطلب من الحركة وقف مقاومتها للاحتلال، كما أن الشعب الفلسطيني يثق بثبات موقف حماس ومصداقيتها في مواصلتها للمقاومة وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، فأسقط هذه المرة في يد دهاقنة المافيا الإعلامية.
ومما عزز مكانة الحركة ممارسات السلطة الخطيرة التي مست بأمن وكرامة وحقوق الشعب الفلسطيني، فهي من جانب تدين الإرهاب، ومن جانب آخر تقوم بتسليم المجاهدين للاحتلال، وتسليم المناضلين لسجانين أمريكان وبريطانيين، وتساهم في إبعاد المجاهدين والمناضلين خارج الوطن، وكذلك فتح ملف الفساد من جديد والذي أزكمت رائحته الأنوف، ولم يعد من الممكن غض الطرف عنه.
ورغم الفشل المتكرر فلا زال الرهان على أن تقوم السلطة بخطوة أخيرة تتمثل في الانقضاض على المجاهدين، وتجريدهم أسلحتهم، وزجهم في المعتقلات، ولكن وعي الشعب الفلسطيني يشكل درعا واقيا للمجاهدين، وعزم المجاهدين على عدم تسليم أنفسهم كفيلة بإفشال هذه الخطوة أيضا، من كل ذلك أقول وكلي ثقة بالله أن المقاومة لن تنحني أمام العاصفة.